الفئات المهمشة والبحث عن الإنسانية شغف ”ياسمين سامي” الصحفي
الأكثر مشاهدة
خيط رفيع لاكتشاف موضوعاً، لتطرح من خلاله الفتاة صغيرة السن كبيرة الطموح فرضية لتستقصيها، من أجل طرق باب الفئات المهمشة، لتصل في النهاية إلى هدفها لخدمة "المنسيين" من قبل المجتمع، فاستبدلت "ياسمين سامي" لقب الصحافة من "مهنة البحث عن المتاعب" إلى "مهنة البحث عن الإنسانية" بتتبعها لقضايا إنسانية واجتماعية خصوصاً ما يمس النساء والاطفال مثل "زنا المحارم" و"الزواج القبلي" و"الاعتداء الجنسي على الأطفال" و"تجارة الأعضاء" لتصل إلى ما وراء المعلومات لإحداث تغيير يصل إلى ضحايا تلك القضايا.
الأهرام محطة "ياسمين" الأولى في العالم الصحفي و"والديها" السند والدعم
تخرجت الفتاة التي هوت "الاستقصائي" من كلية "الإعلام" جامعة القاهرة قسم الصحافة العام الماضي، وجذبتها نداهة " الصحافة" منذ عامها الأول بالكلية فبدأت بممارسة المهنة منذ عامها الأول بترشيحها من قبل الكلية .
"اتعلمت هناك اسس الصحافة والكتابة وطريقة بناء تحقيق صحفي"، بدأت ياسمين تتذكر مدارسها الصحفية المتعددة بخلاف الكلية فبدأت بمؤسسة "الأهرام"، التي استمرت بها عامين متواصلين، وانتقلت إلى المحطة التعليمية الثانية وهي "جريدة الصباح الأسبوعية"، التي تطورت مهارتها من خلال عملها في قسم التحقيقات، ولم يغب عنها النشاط الطلابي، فشاركت في انتخابات "اتحاد طلاب إعلام- اللجنة الثقافية"، وأصبحت رئيس اللجنة الثقافية 2013، واستمرت حتى السنة النهائية.
والدي المهندس سامي عبد الستار، دايما كان في ضهري، حتى لو كانت وجهة نظره مختلفة"، بدأت "ياسمين" تلقي الضوء على السند والدعم لها في كل الأزمات التي تتعرض لها، بداية من تصميمها على دخول القسم الأدبي حتى لحظة خروج تحقيقها الأخير إلى النور، "دايما كان واقف في ضهري وخلاني أخد كورسات وورش في الصحافة واشتغل وسايبلي حرية الاختيار والقرار، وعمره ما أجبرني على حاجة وأنا فخورة بيه".
وعن الوالدة، لفتت "ياسمين" أنها لم تكن مجرد داعمة لها فقط بل وصلت مرحلة الاهتمام بابنتا إلى مساعدتها في اختيار أفكار التحقيقات وتتابع لها الأحداث لكي تخبرها بها.
"الفئات المهمشة" هدف "ياسمين" من وراء "الاستقصائي"
تعتمد "ياسمين" على مجموعة من الأدوات التعليمية في مجال التحقيقات الاستقصائية، ويعتبر الإعلامي "يسري فودة" مقدم برنامج "السلطة الخامسة" على قناة " Deutsche Welle" الألمانية، وسلسلة التحقيقات الاستقصائية التي أجراها المرشد الأول لها، و"والتر روبنسون"، الذي قاد فريق "سبوتلايت " في صحيفة "بوسطن غلوب"، عن فضح ممارسات وتحرش كهنة الكنيسة الكاثوليكية بالأطفال في أبرشيّة بوسطن مرشدها الثاني.
"من خلال تحقيقاتي أقدر أوصل صوت الناس إللي محدش بيلتفت ليهم، الفئات الأضعف والمهمشة، وأنقل صورتهم"، لخصت ياسمين هدفها من وراء عملها الصحفي، التي تريد أن تصل به في نهاية المطاف إلى تغيير حياة الفئات المظلومة والمسكوت الحديث عنها سواء من خلال تحرك المسئولون أو تحرك المجتمع لمساعدته.
( الوجع المسكوت عنه دائماً 4حكايات من دفترزنى المحارم، التجارة بالأطفال.. من سرقة الأعضاء إلى بيع "الشرف"، 4 حكايات من مآسى زواج الكراسة مع أطفال الصعيد، بعد انتحار ربة منزل بصبغة شعر.. ضحايا الزواج القبلي يتحدثون) وهذه عينة من الموضوعات التي تناولتها "ياسمين"، للتعبير عن الفئات المهمشة وأغلبها في صعيد مصر، ويصبوا في خانة التحقيقات الاجتماعية.
موضوع ياسمين عن زواج القاصرات في الصعيد
"الأنفار عمالة خارج القانون"..التحقيق الأهم في مسيرة "ياسمين"
كانت إحدى الدراسات المنشورة عن المرأة الريفية وتعرضها للتحرش، هي خيط البداية لتحقيق صحفية الصباح بالاشتراك مع زميلها الصحفي "شعبان بلال" " الأنفار عمالة خارج القانون"، التي نفذته مع شبكة أريج للتحقيقات الاستقصائية، وبعد ذلك بدأت تتبع موضوع التحرش المنتشر بين "الأنفار – العاملات الزراعيات)، وبدأت في البحث عن قصص تعرضت إلى هذا، وذهبت إلى الجمعيات الحقوقية، لتتأكد من صحة فرضيتها، وأكدوا فرضيتها.
وبدأت "ياسمين" الخطوة الثانية وهى معايشة الحالات التي تعرضت إلى التحرش، والاستغلال وانتهاك حقوقهن من قبل زملاء عمل وسماسرة وأرباب العمل، منذ فبراير2016، وأجرت جولات ميدانية في محافظات الجيزة والمنوفية والشرقية والإسماعيلية وبورسعيد، وقضت يوم كامل في مزارع على طريق "مصر اسماعيلية" الصحراوي لمدة يوم كامل انطلاقاً من قرية "أم عزام"، التابعة لمركز القصاصين في الإسماعيلية.
وأجرت استبيان عبر مقابلات مع 40 عاملة زراعية تتراوح أعمارهن بين 11 و35 عاماً في محافظات المنوفية والجيزة والإسماعيلية وبورسعيد أن 75% منهن يتعرضن للتحرش (50% تحرش لفظي، و25% لفظياً وجسدياً)، من قبل سماسرة عمل (مقاولون) وزملاء عمل مرة واحدة على الأقل في الإسبوع.
وأشار 65% ممن شملهن الاستبيان إلى عدم وجود دورات مياه ضمن المزارع، و57% منهن أيضا أكدوا عدم وجود أماكن مخصصة لتغيير الملابس، و40% منهن أشرن أيضاً إلى عدم وجود كمامات أو قفازات للحماية أثناء العمل.
وكانت الثغرة القانونية هي مفتاح آخر للعمل على هذا التحقيق، فعاملات الزراعة محرومات من الحماية في قانون العمل رقم 12 لسنة 2003، وكشف التحقيق في نهاية المطاف الانتهاكات غير المنتهية، التي تتعرض بيتعرض لها البنات والنساء والاطفال، سواء اقتطاع من اليومية البسيطة أو الضرب أو الاهانة او المعاملة غير الآدمية أو التحرش.
تحقيق ياسمين عن "عمالة الأنفار" مع شبكة أريج
الحكومة لم تحرك ساكنا لمواجهة الأزمة
تعتبرالطاقة السلبية المحيطة بياسمين، عائق بالنسبة لها " ناس كتير كانت شايفه إني لسه صغيرة علي الاستقصاء، ناس كتير كانت شايفه أن الصحافة مهنة مش للبنت"، وكان تصميمها لإنهاء التحقيق هو المنتصر في النهاية.
وفيما يتعلق بنتائج التحقيق، كشفت "ياسمين" أن ردود الافعال على عكس ما قد يكون في أي دولة آخرى، فعلى الرغم من كشف كمية انتهاكات كبيرة تحدث لنساء وأطفال، ولكن القوي العاملة لم تتحرك، ومن ناحية آخرى قالت أن المجلس القومي للمرأة القومي للمرأة أخبرها بأن يتم وضع خطو، ولكن "ياسمين" لم تعلم عن تلك الخطة أي شيء رغم أن التحقيق خرج إلى النور في 23 أكتوبر 2016، وحاولت التواصل دون جدوي.
ملف "اللاجئين" حلم "ياسمين" القادم والمرأة احتلت نسبة كبيرة من موضوعاتها
ملف اللاجئين هو حلم عمل ياسيمن القادم، "اللاجئين ليس لهم أرض، حياتهم قد تكون في عرض البحر، في وسط حرايق ونار، أوطانهم مدمرة"، عبرت ياسمين عن سبب اختيارها لهذا الملف، وخاصة الانتهاكات التي تتعرض لها النساء اللاجئات، وقالت أن التحقيقات الاجتماعية والتي تخدم الناس هو هدفها من مهنة البحث عن المتاعب.
كانت المرأة جزء هام في عمل "ياسمين"، فقالت: " المرأة جزء من شغلي، لأن شغلي اجتماعي والمرأة جزء هام من المجتمع وكمان من أكتر الفئات، إللي بتتعرض أوقات كتيرة لضغوط مجتمعية بتخليها تسكت عن حقوق كتير ليها"، ومن أهم تحقيقاتها عن المرأة تحقيق عن "زنا المحارم" وتعرض الفتيات للاغتصاب والتحرش من قبل الاقارب والمعارف، والزواج القلبي والنتائج المترتبة عليه التي تدفع البعض إلى الانتحار.
واختتمت "ياسمين" حوارها مع موقع "احكي" بتقديم مجموعة من النصائح إلى الفتيات اللاتي يريدن الدخول إلى مجالات صعبة من وجهة نظر المجتمع، فقالت أن الفتاة القوية، هي من تضع هدف نصب أعينها، ولا تسمح لأي أحد أن يبعدها عن هدفها أو يحبطها، وتمثلت النصيحة الثانية أن تبحث الفتيات دائما عن من يمدهن بالطاقة الإيجابية والأمل، "أي حلم لازم يبقى ليه ناس بتحارب عشانه، ولازم يقابله عراقيل، يا نثبت إننا قد الحلم ده، ونستحقه، ونتحدي الصعوبات دي، يا أما احنا منستحقهوش من البداية.
الكاتب
سمر حسن
الجمعة ١٨ نوفمبر ٢٠١٦
سماح
هل يمكنني التواصل نع الصحفية ياسمين سامي